شكرا فيروز

ما أروع فيروز في كل ما غنت...[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]


في كل صباح...ترافقني فيروز منذ ركوبي السيارة وحتى وصولي إلى مكان عملي ..وهي تغني...
"سألتك حبيبي..لوين رايحين..خلينا خلينا وتسبقنا سنين...اذا كنا ع طول التقينا ع طول..ليش بنتلفت..خايفين"........
وفعلا اتسائل واغني معها من مين خايفين ..من مييين؟...ولوين رايحين .... لوين؟؟


في المكتب أسرع في تشغيل كمبيوتري(طبعا فيروز) لأستقبل فنجان القهوة الصباحي على أنغام:
" بعدك على بالي..يا قمر الحلوين..ويا زهر بتشرين..ويا دهبي الغالي..يا حلو يا مغرور"..


ويرن في اذني صوت كل فتاة عاشقة وهي تغني بفرح:
" أنا لحبيبي..وحبيبي إلي..يا عصفورة بيضا..لابقى تسألي..ولا يعتب حدا..ولا يزعل حدا..أنا لحبيبي..وحبيبي إلي..."

وتأخذني الأفكار والتأملات كم يحمل الحب من أنانية وامتلاك يا ترى...؟؟وهل تلك الأنانية جزء لا يتجزأ منه...!؟


وسرعان ما أشعر بدمعة تترقرق في عينيي وغصة حين تحكي لي فيروز قصة عاشقين

"خزقوا الصور..ومحيوا القمر.." عن قلب صُدم وبكى وهو يترنح على أنغام "لا انتا حبيبي..ولا ربينا سوا"..

وكم أتمنى أن أهدي كل مغترب ومغتربة:
" نسّم علينا الهوى..من مفرق الوادي....يا هوى دخل الهوى..خدني على بلادي.."
أو
"راجعين يا هوى راجعين...يا زهرة المساكين"...

اخوتي المغتربون ترى ماذا تشعرون حين تسمعون هذه الأغاني ...!؟؟


وترتجف أصابعي وتتهامس النسمات في قلبي حين اغني :
"أمي يا ملاكي...يا حبي الباقي إلى الأبد..."

وأتمنى لو استطيع أن أطير "ع طراف الدني" لأقبل يدي كل أم..واقطف لها
"بس شي زهرة حمرا و..بس"


من بعدها يشمخ رأسي عاليا وأتخيل شامنا من على سفح قاسيون...حين اغني:
" شام يا ذا السيف لم يغب‏ ....يا كلام المجد في الكتب‏ ..قبلك التاريخ في ظلمة‏...بعدك استولى على الشهب.."‏

لطالما كنت من عشاق فيروز.....حتى منذ أيام المدرسة.....واستمر عشقها معي حتى الآن...لكنني الآن وبكل صراحة اسمعها بطريقة أنقى...وأوضح..وأعمق..


قد يسأل الكثيرون وهم يضحكون ويستغربون:" وهل هناك من لا يحب فيروز؟" وما الجديد الذي كتبته هنا....!!؟؟؟


معكم حق..كل من يملك إحساسا ..كل من يعشق الهدوء والسكينة والفن الراقي..لا بد سيحب فيروز..ولكن..



فيروز عندي شيء مختلف..أشعر أنها تعبر عني..اشعر أن كلامها وتعابيرها وألحانها .....تشبهني......تحتويني.....تهمس في أذنيي...تحكي ...لي...عني...تخاطب أعماق أفكاري ومشاعري..



من منا لم يغمض عينيه ولو للحظة وهو يستمع لفيروز..!؟؟؟؟

من منا لم يكتشف رومانسيته.... بين الحان فيروز...!؟؟

برأيي الشخصي........كل إنسان منا يحمل جانبا رومانسيا روحيا في قلبه..حتى من تراه يحمل أقسى القلوب وأغلظ النفوس وأكثر الوجوه تجهما وعبوسا....

ولكن الفرق بيننا هو من يسمح لتلك الرومانسية بالظهور وبين من يعتبرها دليل ضعف أو جبن أو استسلام...فيظلمها ويخفيها..

وما نحن فيه من تخبط وتوتر وحيرة وتعب برأيي إلا نتيجة تغييب وقمع هذا الجانب في نفوسنا...تلك الرومانسية والروحانية التي هي بلسما لجروح أرواحنا....ولكن فقط حين نقتنع بها ونؤمن بدورها..


لا أستطيع... إلا أن أهمس... وبكل تواضع..

شكرا فيروز....

شكرا لأنك قادرة على أن تقودينا في رحلة ساحرة لاكتشاف مشاعرنا ورومانسيتنا المكبوتة..المقهورة..المظلومة..الضائعة في زمننا المظلم..البائس..الدامي..المادي...

شكرا فيروز لأنك تسمحين لروحي المتعبة أن تتحرر... أن ترحل ولو للحظات... وتبتعد عن نشرات الأخبار..وأعداد القتلى والجرحى...عن سيطرة المادة على البشر..وغياب الناحية الروحية....عن المصالح بين الناس...عن قسوة الحاضر وهموم المستقبل....

شكرا لأنك ترسمين لي.....بصوتك العذب..النقي...الراقي..صورة ألوانها أجمل...ووجها يضحك.....وعينان تدمعان..وشاب وفتاة يركضان....وروح حائرة الوجدان......تبحث عن رومانسية ضائعة...في هذا الزمان...

شكرا لأنك قادرة على نقلنا على زورقك السحري بين مرافئ الحب والفراق..الغضب والسعادة...الحرب والسلم...بين جزر الدمعة والابتسامة..الأمل والحلم..


"أنا عندي حنين...مابعرف لمين...ليلية بيخطفني من بين السهرانين......ويصير يمشيني..لبعيد يوديني..لأعرف لمين..وما بعرف لمين.."



أوَ ليست هذه حالنا...!!؟؟

لدينا الحنين..لدينا القوة..لدينا الإيمان..لدينا الطموح والأحلام...ولكن ببساطة..لا نعرف لمين..او إلى أين...كم نحن حائرون تائهون...



ألسنا بحاجة إلى حب...وولادة جديدة... ترى هل يمكن أن نتعرف على أنفسنا..بدون حب..هل للحياة طعم أو معنى...أو عنوان..!!؟