محطة محردة خبراء الصحة يصفونها بالقنبلة الموقوتة

الموضوع منقول من موقع سيريانيوز حبيت أشاركون فيه

حماه – سالم الحسين
يتجاوز عمر الشركة العامة لتوليد الطاقة الكهربائية في مدينة محردة بمحافظة حماه الثلاثين عاماً وهي تؤمن الكهرباء لعدد كبير من الناس ، حيث تقع في منطقة يتجاوز عدد سكانها /150/ألف نسمة ولكنها مازالت تعمل حتى اليوم على مادة الفيول وهي أكثر المواد نشراً للغازات السامة وقد تجاوزت عمرها الافتراضي المقرر لها حيث كان من المفترض أن تعمل على الغاز دون وقود آخر, إلا أن ذلك لم يحدث لغاية اليوم.
وقد أحدثت المحطة جدلاً واسعاً بين خبراء الصحة والبيئة والكهرباء ، فخبراء الصحة اعتبروها قنبلة موقوتة تنفجر في كل لحظة وتنثر سمومها وأمراضها الخطيرة على كل سكان المنطقة ، وخبراء البيئة اعتبروها وسيلة سريعة للقضاء على الهواء النقي ونشر التلوث بأيسر السبل والإمكانات ، أما خبراء الكهرباء فاعتبروها ضرورة حتمية لا يمكن إزالتها لأن الكهرباء أهم من كل شيء.
تزايد عدد حالات السرطان في المنطقة
وحول الواقع الصحي في منطقة محردة قال الدكتور/جهاد عابورة/رئيس دائرة الرعاية الصحية في مديرية صحة حماه لسيريانديز أنه لوحظ بعد السنوات العشر الأولى لبناء المحطة زيادة في نسبة السرطانات بشكل عام وسرطانات الدم بشكل خاص في المدن القريبة من المحطة وهي محردة وحلفايا وطيبة الإمام وصوران،‏ ونخص بالذكر طيبة الإمام وحلفايا اللتين لوحظ فيهما أعلى نسبة أورام في المنطقة ومن الملاحظ بشدة ظهور إنتانات الجهاز التنفسي مع بداية فصل الشتاء والتي تضعف الجهاز المناعي عند الإنسان،‏ وبشكل عام فإن ما هو مثبت فعلاً أن الإنبعاثات الغازية السامة والإصابات السرطانية منتشرة في منطقة محردة.
وأشار/عابورة/ إلى أن مشاكل المحطة باتت معروفة وسمع بها الجميع ولكن لم يتخذ أي إجراء لحل مشاكل التلوث ، رغم أن التقارير الصادرة عن المعنيين في صحة حماه تؤكد وجود تلوث وغازات سامة تضر بالإنسان والنبات والحيوان ، ولكن يبدو أن الحاجة الفعلية للكهرباء جعلت المعنيين يتغاضون عن مخاطرها الكبيرة التي قد تمتد لعشرات السنين.
ويقول الدكتور/ أحمد السفاف/ اختصاصي التشريح المرضي: إذا رجعنا إلى عام 1997 كان عدد المرضى الذين راجعوا عيادتي وظهر لديهم أورام حوالي 20 مريضاً وتضاعفت النسبة إلى 50 مريضاً في عام 2007 و/65/ مريضاً عام 2009في محردة وحلفايا وطيبة الإمام و صوران ولكن النسبة الأكبر في طيبة الإمام وربما يعزى السبب إلى كونها نقطة مصب للدخان المتصاعد من المحطة الحرارية, والذي يشكل قوساً يرتفع في البداية ثم يعود ليتساقط في نقطة ما.‏
أما الدكتور/علي الأسعد/ اختصاصي الأمراض الداخلية فيقول إن تأثير السموم المنبعثة من محطة محردة كبير جداً ويتسبب بأمراض سرطانية كثيرة ، ويمكن لأي شخص أن يلاحظ أن هناك بقع زيتيه كبيرة في مجرى نهر العاصي والتي تنضم إليها المياه الخارجة من بحيرة السد وتستعمل هذه المياه عادة للسقاية وهذا بدوره يؤثر على الصحة من خلال هذه المواد السامة التي تؤدي على الغالب لظهور أورام عند الإنسان .
تجربة ساكن قريب من المحطة

بدوره قال /أبو أيهم/الذي يسكن في بيت قريب عن المحطة أن الغاز الأسود ينتشر بكثرة على سطح منزله لذا فهو لا يتمكن من النوم على السطح أيام الصيف ولا حتى نشر الغسيل الذي يصبح أسوداً ، كما أن السعال لا يفارق أفراد أسرته وقد أصيب أحدهم بالربو ، مضيفاً أنه ليس بحاجة لخبراء أو أطباء ليقنعوه بضرر المحطة لأنه لا يمكن لأي إنسان عادي يشاهد هذه السحابة الكثيفة التي تخرج من المحطة الحرارية على مدار 24 ساعة إلا أن يقول إن هناك تلوثاً تتهم به المحطة ،‏ لكن/أبو أيهم/مجبر على الاستمرار بالعيش في بيته لأنه لا يوجد لديه مكان آخر يسكنه.

مدير المحطة يعترف بالمشكلة وينسى الحل
بالمقابل فإن المهندس/محمود رمضان/ مدير الشركة العامة لتوليد الطاقة في محردة يعترف بما تسببه المحطة من تلوث للبيئة ولكنه يقول إن طموح الإدارة أن يتم تحويل العمل فيها إلى الغاز لأن حرق الفيول يصدر نواتج تنتشر في الهواء, وهي من ملوثات الجو وكان هناك شكاوى عديدة في السنوات الماضية من قبل القاطنين في جوار المحطة بسبب تساقط كميات من الرماد الأسود على أسطح المنازل وفي الدور والطرقات, وقد قامت الشركة في الفترة الممتدة من 13/7/2005ولغاية 22/7/2005باستقدام مختبر متنقل تابع لمركز الدراسات البيئية التابع بدوره لوزارة الإدارة المحلية والبيئة, وتم قياس مركبات ثاني أوكسيد الكبريت والآزوت والكربون وتركيز العوالق اليومية والغبار الكلي وقد كانت ضمن النسب المسموح بها عالمياً وخلال هذه الفترة تم إعادة تأهيل لمراحل المجموعات الأربعة واستبدال تجهيزات الاحتراق ما حسَّن إلى حد كبير في عملية الاحتراق وجاهزية المجموعات وهذا العمل بدوره أدى لحل مشكلة الرماد الكبيرة ذي البنية الصلبة والذي كان يعاني منه المواطنون حيث اختفت هذه الظاهرة نهائياً.

لجان بيئية بلا نتيجة
أما اللجان التي كان يتم تشكيلها من قبل وزارة البيئة أو مديرية البيئة في حماه فكانت تشير إلى أن مدينة محردة وضواحيها مصنفة من المدن المعرضة للتلوث أكثر من غيرها بسبب الدخان المتصاعد من محطة محردة الحرارية، جراء استخدام مادة الفيول لتشغيل محطات التوليد فيها، ولكنهم لا يعتبرونها خطيرة جداً بالقدر الذي تثيره الصحافة أو الناس الساكنين في المنطقة ، متجاهلين كل التقارير الصحية التي تثبت العكس وهذا يعني أنهم لن يتدخلوا لحل المشكلة أو أن توصياتهم تم تحريفها أو إيصالها إلى المكان الخطأ ، رغم أن الدراسات البيئية والصحية تؤكد أن المحطات الحرارية والمعامل والمصانع يجب أن تكون خارج المدينة وليس بين السكان.
هل من حل
مازال سكان منطقة محردة يصرخون ويستغيثون: هل من أحد يحل مشكلة التلوث والسموم الذي تبثه محطة محردة الحرارية أم أن الحل صعب ومعقد جداً ، أم أن صحة الناس وأرواحهم لا تعنيهم ، هي أسئلة برسم المعنيين نتمنى أن تلقى صدى أو جواباً ، حتى لا نبقى كمن يصرخ في واد عميق يسمع نفسه فقط؟؟؟.

[img][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][/img][img][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][/img]
المصدر:http://www.syriandays.com/index.php?page=show_det&id=22253