قصة قصيرة ..!!

" منقول "

صوت مكابح السيارة أعاده الى حالة اليقظة
كان دماغه منشغلا بمواضيع شتى ولم يحس بأنه يقطع الشارع ..

تغاضى عن شتائم السائق ومضى يقلب كفيه ويضرب أخماساً لأسداس وصوت زوجته ما زال عالقا في أذنيه :
(بدنا لحمة ,جيب بطاطا,لاتنسى الحليب) ..!

كان حريصاً على مظهره يمشي بكبرياء بمعطفه الطويل ...! كم أحب هذا المعطف ..!
وكم أزعجته رائحة الصيف .. يبدو أن الصيف قد أتى باكراً هذا العام وبالتالي عليه شراء بنطالاً جديداً ..
يالهذا المعطف كم ستره وأخفى الرقعة في قفا بنطاله ..!!

بدأ النظر إلى واجهات المحلات محاولاً أن ينسى لكن الأسعار المعلقة على الثياب أدخلت الرعب إلى قلبه
وفكر بصوتٍ عالٍ (ماإلنا غير البالة)ومضى من جديد ...

أمامه على الطريق فتاتان تتحدثان بصوتٍ مرتفع ..أبطأ المسير خوفاً من أن يسمع حديثهما ..
لكن فضوله كان يشتعل ، اكتفى بالنظر ...!!
شيء يسقط من إحداهما اقترب منه انحنى بطريقة لاتلفت النظر تناوله وأكمل المسير ..!!
فتح يده ليرى قطعة ذهبية (اسوارة) ..لابد أنها غالية الثمن (قالها في سره) ..!

وهنا بدأت معركة الأضداد في داخله استغل شيطانه نقطة ضعفٍ في نفسه وهي الفقر
وبدأ يزين له : "آخذها وأبيعها" إنه بحاجة إلى ثمنها ..!!

لكن شهامته التي رُبي عليها أسكتت شيطانه لا لن يقبل على نفسه ماليس له ولن يكون إلا كما أراد(عفيفاً)...ولن يأخذها ...

أسرع الخطا اقترب من الفتاة بصوتٍ أجش خافت (أختي لو سمحتي) .. لم تسمعه ..!!
بحركة لا إرادية وضع يده على كتفها ليوقفها ..!!!
استدارت ودون سابق إنذار لطمته على خده وهي تقول : يا قليل الحياء ..!!؟

تلعثم ضاعت منه الكلمات حين بدأ الناس بالتجمهر ...!!
مد يده بالقطعة الذهبية باتجاهها...تناولتها من يده وهي ترتجف حاولت التعبير عن أسفها لكنه لم يسمع ..!!

استدار وعاد أدراجه لم يعد يفكر في عمله أو بالذهاب إلى أي مكان
نظرات الناس أكلت كرامته ...

عبر الشارع ...لكنه في هذه المرة لم يستيقظ على صوت مكابح السيارة ...!!

في اليوم التالي وفي نفس المكان ..
أحدهم يقول لآخر :
في الأمس حاول التحرش بفتاة هنا ...وأثناء هروبه دهسته سيارة فمات .