الصلع بين سندان الطب و مطرقة المجتمع

يحدث الصلع نتيجة نشاط أنزيم ألفا اسكيلاز5 في جذور الشعر فيؤدي إلى تساقط الشعر و حدوث حالات الصلع ( الصلع الكامل – الصلع الجبهي – الصلع القفوي ) و ذلك في أوقات متباينة من مراحل العمر تبدأ من سنين المراهقة و تنتهي في الشيخوخة و ذلك بحسب نشاط الأنزيم السابق ذكره و لكن السؤال ؟؟؟؟؟ هل الصلع مخجل؟ من يحاسب الشخص الأصلع الأهل أو المرض ( إن وجد ) أو ظروف الطبيعة ؟ لماذا يعتقد الشخص الأصلع أنه غير جذاب أو أنه غير محبب لدى الفتيات ؟ و هل من علاج دوائي لحالات الصلع ؟ و ما هي زراعة الشعر؟ وهل زراعة الشعر- كما يقول أحدهم : هي السلاح المنقذ للصلع ؟ فيجيب آخر : لا تتعذب و تهدر مالاً فسوف يتساقط مجدداً و يعود رأسك مثل رغيف الخبز ؟ و يضحك ثالث و يقول: أصلع .... ماذا أنجز أصحاب الشعر؟؟؟؟؟؟
الصلع و الوراثة
إنّ الصفات المتأثرة بالجنس عند الإنسان ترتبط بالمورثات المحمولة على الصبغيات الجسمية , لكنها تؤثر على النمط الظاهري ربطاً مع جنس الفرد الحامل للنمط الوراثي , ذكراً هو أم أنثى ( وراثة متأثرة بالجنس ) و مثال لهذه الصفات صفة الصلع عند الإنسان Baldness :
يتجلى الصلع عند الرجل بتساقط الشعر من أعلى قمة الرأس حتى تصبح خالية من الشعر تماماً , و يبقى القليل منه على الجوانب , أما المرأة فلا تصاب بالصلع إلا إذا كانت متماثلة اللواقح و في سن متأخرة من العمر حيث يتساقط الشعر دون الوصول إلى مرحلة الصلع الكامل و في تفسير هذه الحالة نجد ما يأتي :
يبدو أنّ الشفع المورثي Bb مسؤولاً عن الصلع الجبهي حيث يرتبط الرجحان و انعدامه بجنس الفرد ( الرجحان الوراثي : هي الظاهرة التي تحدث على المستوى الشفعي الوراثي حيث تظهر أحد الصفات للعروسان على جميع نواتج الجيل الأول من الأبناء و اختفاء صفات العروس الأخرى من هذا الجيل ) و لذلك نجد النواتج في الجدول التالي :

النمط الوراثي شعر الرأس عند الرجل شعر الرأس عند المرأة
BB صلع جبهي طبيعي مع تساقط شعر بسيط
Bb صلع جبهي طبيعي
bb شعر طبيعي طبيعي

ومع ذلك نج أنّ الأليل B راجح عند الرجل و متنح عند النساء والشفع bb متنح عند كل الرجل و المرأة و لذلك يتأثر رجحان الأليل B بالجنس و لتفسير ذلك نجد أنّ أليلات الصلع الراجحة B المحمولة على الصبغيات الجنسية لا تعود إلى النمط الظاهري عند الجنسين و هذا يرتبط بوجود الهرمونات الجنسية و هي الأندروجين Androgens عند الذكر و الأستروجين Estrogens عند الأنثى.
عموميات في زراعة الشعر
إنّ أغلب عمليات زراعة الشعر في هذه الأيام ناجحة و مفيدة و أغلبية الأشخاص الذين خضعوا لهذه العملية راض ٍعن نتائجها و في السنوات الأخيرة أجريت أبحاث في العديد من الجامعات و مراكز الأبحاث ساهمت في تطوير تقنيات إجراء عمليات زراعة الشعر بنوعيها ( الطبيعي و التجميلي ) مما يجعل الشخص الأصلع أن يحصل على مظهر جيد و راحة نفسية و إعادة ثقة بعد إجراء هذه العملية , و تهدف التقنيات الحديثة لزراعة الشعر إلى جعل الأشعار متقاربة جداً من بعضها البعض ليعيد الشعر كما و لو أنه في حالته الطبيعية حيث أنّ الطبيب يسعى في هذه العملية إلى غرس الأشعار الجديدة مكان الأشعار التي سقطت .
في العمليات القديمة لزراعة الشعر كان الطبيب و حصراً طبيب جراح باستئصال شريحة جلدية غنية بالشعر من الناحية القفوي للرأس ثم يقوم بزرع هذه الشريحة في المناطق الخالية من الشعر , و لكن هذه العملية كانت تترك ندباً واضحة في مكان الشريحة الجلدية المستأصلة و كأننا كنا في مشكلة و أصبحنا في أخرى.

التقنيات الحديثة لزراعة الشعر
أثبتت التجارب المخبرية أن الأشعار لا تنمو بشكل إفرادي كلٍّ على حدا و إنما النمو يتم في مجموعات صغيرة تدعى الوحدات الجرابية Follicular units ( كل وحدة جرابية تقوم بإنتاج من 1 – 4 أشعار ) الأمر الذي أحدث نقطة تحول تاريخية في زراعة الشعر و أصبحت العمليات الحديثة تقوم على المبدأ الحديث لنمو الشعر أي زراعة الوحدات الجرابية أي أنها عملية تقليد للوسط الطبيعي لنمو الشعر على فروة الرأس .

ما هي الخطوات و المراحل التي يقوم بها الطبيب الأخصائي لإجراء عملية زرع الشعر ؟
• تستأصل الوحدات الجرابية من القسم الخلفي لفروة الرأس .
• يقوم الأخصائي بعملية تدعى التقليم أي تقليم أطراف الوحدات الجرابية المعزولة لتصبح جاهزة للزرع في مقدمة الرأس و يطلق بعد ذلك على الجريب اسم الطعم و تكون الطعوم صغيرة الحجم .
• يتم اجراء ثقوب صغيرة في المكان الذي يرغب فيه زراعة الشعر بواسطة أبرة صغيرة حيث تجعل الثقوب قريبة إلى بعضا أكثر ما أمكن , و تبلغ الأبعاد لهذه الثقوب 0,8 مم و إحداث هذه الثقوب غير مؤلم و قابل للشفاء بسرعة.
• تغرس الطعوم مكان الثقوب و يكون العمل الجراحي قد انتهى بشكل كامل .
• تتم جميع العمليات السابقة بواسطة مجاهر الكترونية حديثة خاصة لإجراء هذه العمليات .

لكن إذا لم يكن عدد الطعوم المستحدثة كافية لتغطية مساحة الصلع ما العمل ؟
بحسب خبراء الاستنساخ الحيوي أكد العديد منهم أنه يمكن مستقبلاً سد حاجة الأطباء الأخصائيون من الشعر و يتم ذلك من خلال الاستنساخ حيث يتضمن هذا الأمر إلى النزول إلى المستوى الخلوي cells level و إجراء عملية تدعى الزراعة الخلوية cell-based transplants و يتم في هذه العملية المميزة - التي تشكل نقطة هامة جداً في عملية زراعة الشعر – استنساخ و إكثار الخلايا المولدة للشعرة الموجودة داخل الجراب الشعري العام و ذلك في قاعدته عند جذر الشعرة .
و لكن على المستوى النظري يجب على الجراح الحصول على بعض الأجربة الشعرية من القسم الخلفي للرأس ثم يقوم بعزل الخلايا المولدة و إكثارها في المخبر و في مرحلة أخرى يتم إعادة زرعها لدى المريض نفسه في القسم الأمامي ( القسم المصاب بالصلع ) حيث يأمل من أن تمارس الطعوم دورها في إنتاج أجربة شعرية جديدة و لكن هذه العملية تشكل تحدياً صعباً لماذا؟
لأنه عند القيام بهكذا عملية يجب تأمين وسط ملائم للخلايا المزروعة كي تستقر و تنتج الأجربة في الطريق المرسوم لها أي الطريق المطلوب .

و لكن بعض هذه الجريبات لا تستمر بالحياة وحدها بمجرد زراعتها فما هي الأسس و الطرائق التي يبحث بها العلماء لمعالجة هذه المشكلة ؟
يعمل العلماء على تطوير بيئة خاصة كالأسفنج تتمتع بالمزايا الهامة التي لها قدرة الاحتضان لتلك الخلايا في الفراغات الخاصة بها مع أولوية تأمين السائل المغذي الذي يجب أن تمتصه من الوسط المجاور, و عند النجاح في ذلك فإنّ العملية ستكون أسهل حيث سيتم زرع طعوم صغيرة من ذلك الوسط البيئي الذي يحوي الخلايا المولدة على شكل صفوف متوازية و موجهة في مقدمة الرأس .

العلاج الدوائي للصلع قبل الزراعة و بعدها
• مثبطات أنزيمات الصلع : و هي عبارة عن أدوية متعددة الوظائف حيث يقوم بتثبيط أنزيم الصلع ألفا أسكيلاز5 و بوظيفة تنشيط لجريبات الشعرة و كلما طال استخدام هذه الأدوية ربما تعطي نتائج جيدة مستقبلاً و ينصح باستخدامها بعد الزراعة لتثبيط أنزيم الصلع لأنّ زراعة الشعر لا توقف عمل أنزيم الصلع .
• Finasteride : يتواجد على شكل حبوب تأخذ حبة واحدة كل يوم و هو دواء يقوي نمو الشعر في المنطقة خلف الرأس و مقدمته حيث يقوم بمنع تحول التستسيترون ( الهرمون الذكري ) إلى شكل آخر يمكنه إيقاف نمو الأجربة الشعرية و إنتاج الأشعار و بعد الزراعة ينصح بتناول حبة واحدة يومياً عيار ( 1 ملغ ).
• Minoxidil : عبارة عن سائل يطبق على الرأس بشكل موضعي و هو يزيد عدد الشعر في المناطق التي يوضع عليها بنسبة 30 % و ينصح باستخدامه بعد الزراعة لتقوية الأشعار المزروعة .

تجارة الضمير تتاجر بالصلع
في ظل غياب الضمير وضعف الرقابة العامة الصحية و الإعلامية تتجرأ العديد من وسائل الإعلام العربية المرئية منها و المكتوبة على إظهار إعلانات و بالخطوط العريضة عن أدوية تعالج العديد من الأمراض المستعصية انتهجا أشخاص لا علاقة لهم بالعلوم الطبية لا من قريبه و لا من بعيده , تلك الأمراض التي ترصد لها الحكومات المليارات لمحاربتها ولانجاز بحوث علمية متكاملة لانجاز أي شيء يجعلهم يسلكون طريق الخلاص من هذه الأمراض .
فإذ بإحدى القنوات العربية الفضائية تمرر اعلاناً ينص على ما يلي : لا إيدز لا سرطان لا سكري لا ضغط شرياني لا صدف جلدي لا صلع , و ذلك عن طريق الطب العربي و الطب البديل ...
و كأنًّ الطب البديل و الطب العربي وجد للتجارة و كسب المال و أهانوا و أساءوا إلى انجازات العرب الطبية على مر العصور فإلى متى هذا الوضع الفاسد عمومياً و أخلاقياً ؟؟؟؟