يوسف رزق بعد تقديمه لسفر الحجارة...أحترم اعتزال هيثم حقي في الوقت المناسب...رزق: لن أنتظر حتى يصبح لدينا مليون حالة إيدز لأعالجها

الوطن التقت المخرج يوسف رزق، وسلطت الضوء على عمله الأخير (سفر الحجارة) الذي يتناول ملحمة انتفاضة الأقصى، من خلال عمل اجتماعي تدور أحداثه بدءاً من عام 2001، يعالج قضية الأرض المحتلة، وقضايا إنسانية، وسياسية مهمة بأسلوب اجتماعي معاصر...

*في ظل الأعمال الدرامية هذا العام ما الرؤية التي تشكلت لديك حتى اللحظة حول عروض الدراما السورية على الشاشات العربية؟

الدراما السورية هذا العام كانت مختلفة تماماً، لدرجة يحار فيها المشاهد أي عمل سيتابع، فمعظم ما يعرض يتميز بالأفكار الجيدة، والشمولية بالمواضيع، والتنوع بالطرح، والجرأة، ورغم أن الكم كان قليلاً إلا أن النوعية غطتها بالأفكار التي طرحت، وكلام حقيقي، لا مزاودة فيه، أنا متفائل جداً رغم قلة الكم، لأن النوعية اختلفت بشكل واضح للجميع، وهذا أمر صحي وإيجابي، فالأعمال الدرامية السورية هذا العام متميزة بمعظمها، وهي بذروتها، وتحمل الجديد.

*راهنت على عملك(سفر الحجارة) من حيث النص والإخراج، كيف تراه بعد عرض عدد من حلقاته، وهل فشلت المراهنة؟

في خضم هذا المهرجان الدرامي، حضر عمل مثل (سفر الحجارة) الذي يطرح قضية القدس، والأقصى، والمقاومة وهي قضية يتجاهلها المسؤولون بالمحطات، أو على مستوى الدول العربية يحاولون أن يتناسوها نتيجة الضغط الإسرائيلي الأميركي، ولكون هذه الضغوطات تمارس على عمل كهذا، فأنا أعتبره إنجازاً ونجاحاً، رغم أني لم أشعر أنه بالمستوى الجماهيري لأعمالي السابقة، وبتقديري لوجود أعمال كثيرة جيدة فقد جزءاً من جماهيرية يوسف رزق، ولكن أنا قدمته وغير نادم.

*ألا تعتقد أن سفر الحجارة سيترك أثراً عندما يعرض بعد شهر رمضان، بحكم وجود العديد من المسلسلات الأخرى؟

سفر الحجارة حورب من قبل مسؤولي المحطات، ولكنه يتابع من قبل الناس، ورغم أنه يعرض على محطتين متواضعتين إلا أن المهم أنه عرض ويتابع من قبل الناس رغم أنوفهم.

*أنت صورت المقاوم في سفر الحجارة أنه يخطط وينفذ للعمليات الاستشهادية، ويعود إلى قواعده سالماً، هل تعتقد فعلاً أن الأمر بهذه السهولة، أم إنك حاولت تبسيط الحالة من خلال رؤيتك الإخراجية؟

العمليات في الأرض المحتلة ليست من الصعوبة التي يتخيلها الناس، فالشاب الذي يقود جرافة ويقتحم فيها حاجزاً عسكرياً ليفجر نفسه بالجنود الإسرائيليين، إنما هذا نتيجة إحساسه بالنقمة والقهر، والغضب، فتصرف من خلال مشاعره، وانتفض، والشاب البالغ من العمر 16 عاماً عندما يهرب من أسرته، ويضع الحزام الناسف على خصره ويفجر نفسه فداء لبلده نتيجة قهره على بلده وأسرته وجيرانه، دون تخطيط وينجح، الأمر ذاته في العمل، هناك خلية تخطط، وتنفذ العملية بناء على استطلاعات ومعلومات دقيقة، وهذا الأمر هو تجسيد للحالة الحقيقية الموجودة في الداخل، والتي تابعها الناس من خلال الأخبار..

*في أعمالك السابقة كأسياد المال، الخط الأحمر، كان الملاحظ دائماً تشابه طريقة المونتاج في شارة العمل، واستخدام المؤثرات الصوتية ذاتها، مع اختلاف بسيط، هل الهدف هو أن يكون لك بصمتك الخاصة؟

هذا الأمر ميزة أتمنى الوصول إليها بالشكل الذي يطرح من قبل الصحافة، والمتابعين، وهذا مديح لأن المخرجين العالميين الذين وصلوا إلى مرحلة التميز يحملون هوية وأسلوباً، وعندما ترى أعمالهم تعرف أن هذا لفلان أو فلان.. هذا مدعاة فخر، وعندما تحمل أعمالك أسلوبية مميزة وخاصة هذا فيه شيء من التميز الذي أرجو أن أكون قد وصلت إليه وأعتبر هذا الأمر قمة النجاح.

*هناك آراء منقسمة حول تناولك لموضوع الإيدز في أعمالك (كأسياد المال، والخط الأحمر) ما ردك؟

في إحدى الدول الإفريقية هناك ما نسبته 48% من السكان يعاني من مرض الإيدز، هل يريدون مني الانتظار ليصبح لدينا ألف إصابة لأتحرك، وعمليا إذا كان هناك ألف إصابة غير معروفة لدى الجهات المعنية فيمكن أن تتحول إلى 2000 خلال سنة واحدة، وأنا عندما وجهت العالم للانتباه إلى هذا المرض، ودعوته للكشف عن حالته الصحية، قل العدد في المراكز التي تستقبل المصابين، أنا لن انتظر حتى يصبح لدينا مليون إصابة بالإيدز لأتحرك وأعالج الموضوع، أنا أعالج الأزمة قبل أن تتفاقم وتصبح مشكلة كبيرة، إلى جانب ذلك ما أقدمه عبارة عن أمراض اجتماعية تؤدي إلى مرض الإيدز، وطرحت في أكثر من طريقة كيفية الإصابة، وكيفية الحرص منها..

*ألا يفكر يوسف رزق بإنعاش السينما السورية، وخاصة أنك عملت مخرجاً مساعداً مع الراحل يوسف شاهين؟

غالبا أنا ومجموعة من المخرجين السوريين نقدم كل سنة 12 فيلماً سينمائياً من خلال الدراما، لأن اللغة التي نستخدمها لغة سينمائية، والمختلف فيها فقط هو نوعية الشريط، ففي السينما الشريط ضوئي، وفي التلفزيون الشريط إما ديجتال وإما مغناطيس، وكل أعمالي في سورية من (ريما والسائق إلى قبض الريح) هي أفلام سينمائية للتلفزيون، وأنا ساهمت بشيء اسمه (الكاميرا المتحررة) وبتقديري لماذا أقدم فيلما يراه 50 ألف عربي أو أجنبي، وأشارك فيه بالمهرجانات لأسمع إطراء إن كان جيدا، على حين بإمكاني أن أقدم مسلسلاً مؤلفاً من 30 حلقة يعني 13 أو 14 فيلماً سينمائياً، لذا أنا أفضل تقديم نفسي من خلال التلفزيون، ولكن بلغة سينمائية وحرفية، وتكنيك سينمائي، وأصل لقاعدة شعبية أكبر.

*أشدت بالعديد من المخرجين وهناك من قال إنك وصفت هيثم حقي بأنه تقليدي ما ردك؟

هذا غير صحيح، أنا لم أقل قط إن هيثم حقي (تقليدي) بل قلت إن هيثم حقي لم يعد في ذروته، وقد أصبح رجلاً فوق الستين، وحقه أن يتقاعد، ويبدأ بتقديم مخرجين لهم أفق وتطلع وطموح، فالمخرج بعد فترة من الزمن، وبعد تقدمه في العمر يصبح غير قادر على أن يكون ديناميكياً، وهذا صعب حتى لو حاول، لأنه سيكون عاجزاً عن تقديم عمل من ثلاثين حلقة، بسبب انخفاض قدراته الصحية والجسدية، فأنا أيضاً بعد فترة من الزمن لن أقدر على أداء عملي كما أنا الآن، ولا نقدر على نكران أن هيثم حقي كان الرقم الأول عبر جيلين، وهو قدم نخبة من المخرجين الجيدين منهم سيف الدين سبيعي، والمثنى، كما قدم حاتم علي والليث حجو، فهذه المهنة عبارة عن تسليم، وتوالد أجيال، وأنا حقيقة أحترم اعتزال هيثم حقي في الوقت الصحيح.

*الساحة السورية مملوءة بكتاب الدراما، ومنهم من ينتظر الفرصة، هل يساهم يوسف رزق بفتح الأبواب أمامهم، وهل حقا الوسط الفني تربطه العلاقات فقط؟

خلال السنوات الماضية استقبلت أكثر من 20 متدرباً على كتابة السيناريو، وأرشدتهم بشكل علمي على تكنيك كتابة السيناريو وبنية المعالجة الدرامية لكتابة النص.

*هناك شكوى من قبل الممثلين الجدد خريجي المعهد العالي من انعدام فرص في دخول مجالهم ويعتبون على أصحاب القرار، ما قولك في ذلك؟

الخريجون الموهوبون الذين لم يأخذوا فرصتهم بعد تقع مسؤوليتهم علينا جميعا، وهذا ذنبنا، لأنه لو كل مخرج أخذ في عمله خمسة منهم سنفتح أمامهم الباب الذي يطمحون الدخول منه، ولكن أنا وحدي غير قادر على تقديم عدد كبير منهم ضمن عملي، لأني بحاجة إلى حرفيين فهم أيضاً سيساعدونني في قيادة الممثلين الجدد، من خلال تجربتهم، ولكني أحاول في كل عمل أن أقدم على الأقل خمسة وجوه جديدة، ولكن لا أقدر على تقديم خمسين، لأن الوقت سيضيع، ولن ينجز العمل في سنتين.

*على أي أساس يختار يوسف رزق النجوم في أعماله؟

في خضم الأعمال والزحمة على الممثلين، أقوم بالتفريغ بيدي، فأضع ستة أسماء مرشحين للعمل، وأبدأ من واحد إلى أن يقع اختياري على من فيهم القادر على أداء الدور الذي أريد، وذلك بغض النظر عن علاقاتي معهم، فالبعض يقول يوسف رزق يكرر ممثليه، ولكن إذا كان عملي يتطلب 50 ممثلاً، فمن الطبيعي أن يكون هناك 14 ممثلاً مكرراً في العمل.

*تتهم بالعصبية والمزاجية خلال العمل، لدرجة قيل إنك ضربت أحد عناصر الكومبارس في سفر الحجارة بآلة حادة، ما ردك على ذلك؟

هذا الكلام غير صحيح، أنا لم أضرب الكومبارس أبداً، ولكن حين كنت أدربه تحرك بطريقة خطأ فأصابته سكين، وهنا بدأت الشائعات تبالغ بالقصة، وهناك أكثر من 30 شخصاً كانوا خلال الحادث، أما بالنسبة للعصبية، نعم أنا عصبي على الخطأ، فإذا لم يكن هناك خطأ متكرراً للمرة الرابعة، فلا أنفعل ومن يعمل معي يعرف ذلك جيداً، ولكني في إحدى المرات فقدت أعصابي واضطررت فعلا لضرب أحد الممثلين، لأنه تأخر، ووضع شروطا وأصر على الخطأ، فعندما يكون لدي 50 ممثلاً من ضمنهم نقيب الفنانين، فيأخذ ذلك الممثل مفاتيحه ويهددني، إما أن أدفع له 10 آلاف، وإما أن ينسحب، ويرسل لي رسائل مع مدير الإنتاج، هنا فعلاً اضطررت لضربه، ولكني اعتذرت منه لاحقاً، وهو الآن صديقي.