أمي الحبيبة ...!!

بتوقف موج البحر فجأةً .......و الشمس تغير لونها خجلاً ............................................
تتراجع الايام مسرعة لأرى نفسي صغيراً رافعاً يديه للأعلى طالباً منك أن تحمليه........
يصعد على يديك ويعانقك باكياً .. تمسحين دموعه بيدك ( التي ضربته مراراً )......
وتعانقينه بدفء ... فلا يلبث أن ينام في حضنك خلال ثوان ليست بطويلة.......
تتابعين حديثك فيما يخلد ذلك الباكي نوماً هانئاً في أغرب أسرّة الكون تصميماً وأكرمه أمناً وعاطفة ...........
تخلد هذه الصورة في مخيلة ابنك الذي يكبر قليلاً قليلاً ... غير مدرك ان هذا القليل قد كلفك غالياً من شبابك وسعادتك.........

تمر سنين بعدها ... يصبح ولدك لا يكفيه حضنك سريراً ولا يلبث ان يهرب من أسئلتك وأجوبتك ...
لا يعرفك إلا عندما يفتح عينيه ليلاً وقد بلغت حرارة رأسه الاربعين ... تعود نفس اليد التي مسحت الدموع منذ سنوات لتطفئ حرارة المرض ببلسم روحي من حنانك.......

تعدو الحوادث مسرعة ... وها أنت يا حبيبتي تودعينه في حرقة تختصر سنيناً من عمرك....لا يواسيكي فيها إلا دموعك المقدسة والتي طالما ذرفت فرحاً بأبنك ......
تمضين جيئةً وذهاباً ليله سفره ....تنقطع في مخيلتك جميع وسائل الاتصال بالناس ....وتغيب في هذه اللحظات كل همومك لتتجسد في حقيبة سفر فلذة كبدك.....

ها انت يا غاليتي صامدة أيضا ........كل يوم يكبر فيه ابنك تكبرين في قلبه أكثر ...كل لحظة تخطر فيها صورتك .. تورق حقول من بنفسج وياسمين ..........
قد تجف الكلمات من ذاكرتي وتتراءى دموعاً.....شوقاً ......وآلاف الذكريات والذكريات والذكريات ...

أمي الحبيبة :

صعدت بي الطائرة آلاف الأقدام ورأيت طريق الحرير والجبال الشامخة ....وتضاريس نصف الكرة الارضية ، شاهدت يا حبيبتي مشرق الشمس من كل الجهات ...والقمر من جميع الزوايا...والمطر الصيفي أيضاً .............................
وتبقى رؤية وجهك المنير صباحاً أحلى المشاهدات ..

لا تخلو أحلامي من صوتك ...
أكلت بنهم جميع مأكولات البلاد ... ويبقى الكّف من يدك أشهى الوجبات...لأنه الوحيد الذي بنى في وجداني لبنات من حقيقة......

ألف قبله لكل يوم من ايام رعايتك...ولكل دمعة من دموعك السخية....

يا حبيبة قلبي ...

بتكسر جدار القسوة ليخرج طفلك باكياً طالباً منك حمله مجدداً...ويعانقك بقوة لينسى قسوة الأيام في ظل حنانك ...

أطال الله عمرك يا حبيبتي ... وإلى لقاءٍ قريب